كم هو رائعٌ أن تكونَ في مكانٍ يُشعرُك بعظمةِ الحياةِ، يرْفَعُكَ إلى مدىً أرحبَ ويقودُ روحَك العطشى إلى نبعٍ من الثّقافةِ والتميُّز. إنّهُ صرحُنا التّعليميُّ، مدرسَتُنا مدرسةُ بشمزينَ العاليةُ الغنّيةُ عن التعريفِ.
كلُّ واحدٍ منّا في الكورةِ والشَمالِ ولبنانَ يعرفُ ماهيةَ هذه المدرسةِ وعراقتَها وقيمتَها في عالمِ التّربيةِ والتّعليمِ منذ القرنِ التاسعِ عَشرَ، كانتْ وما زالتْ في مقدَّمةِ المدارسِ الوطنية التّي قلَّ مثيلُها. كانتْ ولا زالتْ منْبِتاً للرّجال، مقلعاً للإبداعِ وداراً فاتحاً قلبَه لكلّ طالبِ معرفةٍ ولكلِّ حالمٍ بالوصولِ إلى حيثُ القمم.
نعم مدرستُنا تاريخٌ، والتّاريخُ شاهدٌ. ألفُ شكرٍ للّهِ أنّنا كنّا بعضَ سنابلَ في هذا البيدرِ الغنّاء.
أيُّها الكرامُ، فلنتخيّلْ معاً كيفَ لمدرسةٍ أن تزدهرَ وترقى لولا مجموعةٌ من مغامرينَ ومناضلينَ ومجاهدينَ. إنّهمُ المعلمونَ والمعلّماتُ الّذينَ يسعَوْنَ دائماً لمواجهةِ الفسادِ في زمنٍ أصبحَ المعلّمُ يلعبُ دورَ الأهلِ والمدرسةِ معاً، في زمنٍ باتَتِ الأخلاقُ فيهِ عملةً نادرةً.
أتوجهُ بالشُكرِ للهيئةِ التّعليميّةِ التي لم تتوانى يوماً عن تقديمِ الغالي من أجلِ نجاحِ طلّابِنا. النجاحُ لا يصنعهُ فردٌ إنّما العاملونَ جميعاً في هذا الصرحِ التربويّ.
أهلَ طلابنِا الأحباءَ
أهنِّئُكُم على عبورِ أبنائِكم هذه المرحلةَ بنجاحٍ. انتظرتُم بفارغ الصّبرِ وعظيمِ الاشتياقِ هذه اللحظاتْ. لقد حانَ وقتُ حَصَادِ ما بَذَلْتُمْ من وقتٍ وجُهدٍ وما كرّسْتُم من غالٍ ونَفَيسٍ. أودُّ أنْ أشكُرَكُم على ثقتِكُم بمدرستِنا وعلى تربيتِكُمُ الفاضلةِ ودعمِكُم الدّائمِ لنا.
واخيراً ماذا عساي أقولُ لطُّلابنا الأحباءِ؟ لكلِّ فوجٍ روايةٌ وحكايةٌ، بدايةٌ ونهايةٌ. في هذا الفوجِ نجدُ الشخصيّاتِ المُفَكِّرةَ والمُبدِعةَ، الشخصيّاتِ الطّامحةَ والواعدةَ. أنتم ستحوّلونَ عدمَ الإستقرارِ إستقراراً والجهلَ علماً والفسادَ إصلاحاً والكُفْرَ والإلحادَ إيماناً.
لطالما سمعتُم من آبائكم وأمهاتِكم ذكرياتٍ عن مدى صعوبةِ أيّامٍ الدّراسةِ في زَمَنِهِم وعن سهولةِ زَمَنِكُم بتوفُّرِ المواردِ والمعلوماتِ والتِقْنياتِ بكبسةِ زرٍّ.
صدقاً أقولُ " أنتم لا تُحسدونّ وزمانُكم أصعبُ من زمانِنا بكثيرٍ لأنّه يتطلّبُ درجةً عاليةً من ضبطِ النّفْسِ وتحكيمِ العقلِ وحُسنِ الإختيارِ والمثابرةِ.
بعد ساعةٍ من الآن ستُفتَحُ لكم أبوابُ هذه المدرسةِ لتنطلقوا إلى العالمِ الأكبرِ، إنّنا على يقينٍ أنّكم تحملون في جَعْبَتِكُم خزيناً سيساعدُكم في مواجهةِ التّحدّياتِ والصّعابِ وأَنَّكُم ستكونونَ عناصرَ خيرٍ ترتفعُ بإسمِ الوطنِ عالياً في جميع أصقاعِ الأرضِ.
إنّنا واثقون أنّ العِلمَ سَيُثْمرُ في حَياتِكم وستكونونَ ناجحينَ، مُمَيَّزينَ ومحترمينَ في كلِّ منصبٍ تشغلُونَه. أوصيكُم ان تُكْمِلوا مسيرَتَكم الّتي بدأتموها في مدرستِكُم وتذكّروا دائماً أنّ لكُم بيتاً ثانياً وسَنسْعدُ بزيارتِكم لنا وكونوا على ثقةٍ أنّ هذه المدرسةَ ستبقى مدرسَتَكُم وستبقى القلبَ الذي ينبِضُ بكم واليدَ الممدودةَ لكُم. فكونوا سفراءَ لها أينما حَلَلْتُم وﭐنشروا روحَها الطّيبةَ في الآفاق. كونوا شرفاءَ صادقينَ مخلصينَ ومجتهدينَ. كونوا فخورينَ ومتفاخرينَ بأنّكم خِرّيجو مدرسةِ بشمزّينَ العالية. سنراقبُ نجاحَكُمُ الأكيدَ من بعيدٍ وسيملؤنا الفخرُ كلَّما سمعنا عن تميُّزكُم كجيلٍ مؤهّلٍ علمياً وأخلاقياً لخدمةِ وطنِكُم الحبيبِ لبنانَ.
أتمنّى لكم النّجاحَ والتّوفيقَ في الامتحاناتِ الرسميّةِ كمرحلةٍ أولى، وفي معتركِ الحياةِ كمرحلةٍ ثانية. (لا تنسو أنّنا منذ خمس سنوات أطلقنا شعار "ما تعوّدنا إلّا هيك" أي نجاح 100/100 في الشّهادة المتوسطة وجميع فروع الشّهادة الثانويّة. وعقبالكم إنشالله.
عشتم، عاش خرّيجونا الأحبّاء، عاشت مدرسةُ بشمزّين العالية عاش لبنان.